جوبا مالك عليا

لم أتخيل أن تتحقق رغبتي بزيارة المدينة التي سمعت عنها الكثير من أخي الذي عمل بها فترة من الزمن أبان عمله بالجيش، و غنى لها الجيلاني يا مسافر جوبا…جوبا….جوبا و من صديقي فتحي الذي عمل فيه ردحا من الزمن و أيام خيرها و أخيرا من خالي الذي التقى بأخي صدفة بسوق جوبا و كيف يحكي الي اليوم كيف أكرموه ذلك اليوم فما زال يتحدث عن تلك المرة التي جلس فيها مع مجموعة مع زملاء أخي في ميز بجوبا عندما أشاروا لسائق العربة أن يذهب و يأتيهم بثلاث خرفان… فاعترض خالي و لم هل تقيمون حفلا اليوم؟

قالوا لا انه لمجموعتهم فقط و طمأنوه بأن زميلهم القاعد قدامك دا ممكن يقوم بخروف براه….

 

فعلا فلهم خرافا صغيرة في الجنوب وجدتها ترعى في حشائش جوبا فذكرتني تلك القصة.

 

تهادت الطائرة الى مطار جوبا و تخيلت كيف كان الطيران أيام التمرد و الاحتراب و الدمار يكون صعبا وقتها و كابتن و ركاب الطائرة يتوقعون صاروخا يعجل بلمسها للأرض و تتطاير الأشلاء…نعمة من الله أن هيأ السلام في الجنوب و ها أنا أجلس جنبا الى جنب و مع من…وزيره الدولة للبيئة قائدة الوفد التي نزعت الحزام و قالت لنا بابتسامة حمد الله على السلامة لما عرفت أنني و لأول مرة أطأ أرض جوبا…فمن سلم الطائرة وجدنا المستقبلين …كيف لا أو ليس مرافقا لمجموعة الوزيرة…فالى قاعة كبار الزوار و لم نسأل من حقائبنا فقد سبقتنا الي سياراتنا المنتظرة في باحة المطار.

 

 قضينا ثلاث أيام رئاسية في تلك المدينة ملئ بالعمل و المجاملات، فقد تعرفنا على طاقم البيئة هناك…أجانب و مواطنين و تعرفنا على مسئولين كبار على مستوى الولاية و أشادوا بفكرتنا التي عبرنا عنها و عن نيتنا أن نجري خطة قومية للبيئة شراكة بين الشمال و الجنوب…فأشادوا بالفكرة و ثمنوا على المنهج الذي يتخذ الشراكة لتحقيق ذلك فلهم مثل ما لنا من حقوق و واجبات في ذلك المشروع و ان كان اعترضوا قليلا على تفوقي العلمي و سني مقارنة بمن أختير من الجنوب ليكون منسقا مشاركا بالنسبة لهم…فطمأنتهم بأن عمري المتقدم سوف لن يحيل دون مجارة شابتكم حتى في الترم ترم… فهي شابة حديثة التخرج و نشطة أعتقد أنها سوف تلتقط سريعا و حسبكم مساعدتها و دعمها…زرنا ضريح قرنق و كتبنا في سجل الزوار و تسوقنا من أسواق كونج كونج و امتلأت الطائرة بقففنا التي عمرت بالأناناس و العسل…فجوبا في تلك الأيام فبراير 2006 خارجة من حرب و دمار كانت تحتاج الى الكثير لتحسين بنياتها التحتية…لا استعجال فهم يعرفون ذلك و قالوا لنا انهم يقومون بها حسب أولوياتهم و لمن تجونا المرة الجاية للمؤتمر ستجدون تغييرا…

 

خيام فندق افكس المجهزة بكل شئ ….

و ضريح قرنق الذي ذهب دون أن يرى تلك التجهيزات

 

كنا قد حددنا موعا في نهاية تلك السنة لمؤتمرا بجوبا يعرض معلومات الجنوب لتضمينها و حسبكم في الأيام القادمة تزودنا بممثليكم لحضور مؤتمر الخرطوم في يوليو…فجاءوا الينا و أحسنا استقبالهم و ضيافتهم ردوها لنا مضاعفة عندما ذهبنا في نوفمبر من تلك السنة…..فقد خصصوا لكل مجموعة من أربعة أشخاص سيارة و سائق تحت الطلب أربعة و عشرين ساعة و لأول مرة أنزل في فندق من الخيام…لكن هي ما خيام حبيبك فالخيمة عبارة عن غرفة بسريرها و مروحتها و حمامها و فيها نتويرك للانترنت…و على شط بحر العرب منظرا و لا في الأحلام اذ يطل المطعم و مكان جلوس النزلاء على ذلك الشاطئ و من فوقنا شجر المانجو الذي لا بد أن تنتبه ففي كل مرة تسمع “تج” سليمة فقد وقعت بعيدا  من رأسك تلك المنجة… و خدمات فيرست كلاس يقوم عليها أجانب معظمهم من الكينيين…تكاد تتعرف عليهم من طريق وضع بوفيه المأكولات و محتوياته و المشروبات المتنوعة التي أضحكت بعض مرافقينا حتى بدت نواجزهم.

 

 و على شط بحر الجبل قامت الفنادق مثل أفكس و غيره لتستمتع بشاى الصباح و نسكافي المساء

 

 

 قرنق في قلوبهم ….و حب البلد في قلوب مسئوليها و تعبيرا عن ذلك الحب باكتمال مشروع الخطة

 

قضينا أسبوعا في ذلك النعيم و حفل ذلك الأسبوع بالرسمي منه بدرجة مقابلة نائب رئيس حكومة الجنوب و الشعبي منه و مراقصة الشباب على أنغام الترم ترم و شتان ما بين تلك المواقف فقد حفلت حكومتهم بالمتعلمين و المصقولين منهم الذين ارتادوا الجامعات المشهورة في الغرب و تبؤوا أفضل المناصب في الجامعات و لبوا نداء الوطن و عادوا ليساهموا في نهضة الجنوب…فهم يقولون دائما نعلم نحن لسنا بالكثرة التي نستطيع بها تسيير حكومتنا و لكن ان انتظمت المؤسسية و الدولة فقد لا نحتاج الى كثير جهد لسد ذلك النقص. تعددت زياراتي لمدينة جوبا و فعلا في كل مرة أجد تجديدا. حماهم الله من قانون الوصايا و شورة المفسدين في الشمال و الجنوب. فما الرائحة التي فاحت من صفقة السيارات للحكومة ببعيدة و ما اعتقال و التشهير ببعض الفتيات و من سوق المدينة اعتراضا على لبسهم الا تعضيدا لمكائد النظام العام سئ السمعة عندنا …. و عندهم بعد عمر طويل باذن الله.