الحنك والدقن …

لاندرى بالتحديد متى تعلم الانسان الكلام! هذ أمر عويص حير  علماء الانثربولوجى وحتى الشغالين “بلدى” ومع ذلك نظن (وبعض الظن إثم) إن الإنسان ومنذ البداية عبر عن أفكاره بطرق عديدة منها الهمهمة والغمغمة والصراخ والبكاء (والدخاخين) بانواعها وإشاراتها وحتى الصمت! إن فى الصمت كلاما…ذلك ان البشر البدائى كانت له غرائز  ورغبات وأفكار  ورؤى وحتى مشاريع حضارية! المانع شنو يعنى؟ اما الرجل الحديث (البدائى) فاستعمل لسانه للوصول الى غاياته…واللسان مابالضرورة منطق…هسع المنطق شنو فى لسان الخروف؟ ونحن السودانين ولبلاغة مزروعة فينا نستعمل كلمة حنك ونعنى بها لسان …إى الإشارة الى الكُل والمقصود هو الجزء …فنقول أن فلاناً حنكا علاناً ، وهذا لايعنى أنه افحمه وأقنعه ، وغالباً مايكون العكس ، فالمفعول به لم يصدق حديث الفاعل وإنما صمت ربما للرد عليه فى الزمان والمكان المناسبين واحتمال الصاع صاعين كمان وارد …والمصطلح للمعلومية شبابى ، وماتقوله أجيالنا الصاعدة مهم جداً لانه يلامس واقع المجتمع الحقيقى… ويُستعمل مصطلح حنك بدلاً عن لسان ربما أن هذا الحنك عندنا له ملحقات وتوابع كالدقون مثلاً…وحنك الدقون ربنا يكفينا شرو وهيهات ، فحنك الدقون يعمل بمستويات مختلفة ومتمرحل على الدوام …هذا والجدير بالذكر أن الدقن العظيم  فى الحنك الفخيم  شىء ظاهر بل ويمكنك ملامسته والامساك به ، بس تعال لامس أو أقبض ليك دقن هنا! هذا أبعد وأعمق من حلم مارتن لوثر كنج أو أمنيات سلاطين فى ليلة عيد الميلاد وهو أسير عند التعايشى بامدرمان…فحنك الدقون بدأ بالغيبات والأساطير والخرافات وما جاد الله به عليه من خيال ضعيف وضلالات مريضة…وشخصى الضعيف لايؤمن بهذه الإتجاهات لاسباب عملية بحتة ، فاذا حُكى أن فلاناً مشى حافياً على سطح البحر وعبره الى الشاطى الآخر بسلام…مافى مشكلة  ولكن ما الفائدة من ذلك؟ هل نستطيع أن نوظف هذا الشخص كعبارة أو (بنطون) أو حتى قارب سياحى ومدهش لانه بالاضافة الى هذا كله لايستهلك وقود ولا ما كده! وإذا قيل أن فرتكان قد طار فى علالى السماوات (الضحى الاحمر) هل يمكننا أن نتأكد من ميكنزمات طيرانه الصاروخى هذا وبناءاً عليه نصنع صواريخ محلية نحمى بها البلاد والعباد من شر الغارات الإسرائيلية الليلية! مالكم لاتعقلون!

والحقيقة لا أدرى ماهو جمع حنك! هل هو أحناك؟ فلنقل ذلك لنمضى قدماً ، فالاحناك المحلية كتيرة وغريبة بل بعضها خرافى وسيريالى … طيارة طافية نورها فى سماها وتتمطا وتقذف فى مصنع الزول النساها… والمتاهات والإبتلاءات والمحسوبيات احسن الخيارات….. ولا إستغرب كثيراً إذا قامت فى البلاد السودانية اسواق ومولات للاحناك…تباع وتشترى بل وتهدى فى المناسبات كما شعر “التلج” فى العهد الجاهلى…وهناك الاحناك الرسمية فى الإدارات والوزارات وكل “زول شايت فى جيهة” وكلهم فى الضلال يعمهون ، وكما إختلط الحابل بالنابل فاصبح فى هذا الامر لافرق بين ذكر وانثى فى الإدلاء بالترهات والاحاديث الممجوجة المشبوهة ، وبالمناسبة “أم حنك” هى الناقة كما ذكر البروفيسر عون الشريف قاسم ..وكيف لا؟!  وحنك أم حنك هذا حنك لوحده كما أباذر ، فنراهم فى المحافل والقنوات ونركز على “الوشى” الموشى بكل شىء وننسى الحنك المقصود وفى نهاية الحلقة نكون لاشربنا القهوة ولاصلينا! وأعتقد جازماً ان الناطقين الرسميين باسم الوحدات الحكومية مؤهلهم الوحيد هو بالإضافة للحنك (السنين) عدم الخجل وبرود الاعصاب…وأخيراً يبدو لى أن مصطلح (الحنك) قد طرأت عليه تغيرات فاصبح يعنى ضمنياً فكرة أو رأى أو حتى وجهة نظر ،  فانت تسمع الشباب اليوم يقولون : تعال نمشى لى فلان نشوف حنكو شنو؟ يعنى رايو شنو..فكرتو شنو..وحتى كذبتو شنو!  وقبل التلاشى اقول أن الاحناك صنوف فمنها مايسمى بالحنك البيش ، وحنك نسوان وحنك مامنو ، وحنك حكومى …الخ وهناك من يتعيش ويترزق منه على وزن “الله ماشقالو حنكاً ضيعو”

إقترح اذا وجد تثنية أن تسمى جمهوريتنا الخمجانة باسم مملكة الحنكاب التايهة بفتح الحاء.