ما كنت عارف ياريتنى كنت عارف

Posted: الأربعاء,10 أوت, 2011 by قرن شطة in اخرى

يقولون تناول الدواء فاسكره وأسطله ، وهى عامية سودانية مُحدثة ، وأنا شخصياً لا أثق كثيراً فى عاميتنا فهى “عايمة” اكثر من اللزوم فى عموميتها ذلك أن السُكر حالة و “السطلة” حالة آخرى مختلفة جذرياً نسبة لإختلاف “التخصصات” فاسكرة “باطنية” وأسطله “صدرية” أو كما قال…

قبل أيام من رمضان طلب منى أخوة من منتدى (على ميرغنى الثقافى بامدرمان-الملازمين) حديث الإنشاء أن أتحدث اليهم فى محاضرة عامة عن المخدرات وعلاقتها بالجريمة! ذلك أنى مُبتلى بالإثنين معاً ، فقد درست ودرسُت علم الإجرام فى الجامعة وتخصصت فى علوم المخدرات لاحقاً وأمور آخرى مشابهة. مبدئياً وافقت ولكنى لاحظت صعوبة الامر من حيث إختصار حجم المادة ومصطلحاتها وحتى تقنيات روايتها بصورة لائقة ورايقة حيث انها ندوة عامة ويؤمها خليط من البشر واصناف من الاذواق وليسوا كلهم “على قلب رجل واحد” فاتصلت بالصديق الفاتج جبرا عله يشاركنى أو يخرجنى من “الورطة” العلمية والعامة ، والرجل كالعادة شهم سباق وذو خيال خصب وإبداع مهول فى السرد ، وقد أضحك ذاك المساء الحضور بحكاية “مُعجبه السرى” وقد أسماه “كابوس” والذى من كثرة وعظم إعجابه بمكانة كاتبنا بعث له فى شكل هدية سيجارة خضراء فاقع لونها مدبجة بمواد غير قانونية ، ولم يكن يدرى العزيز جبرا بتفاصيل الهدية حتى حدث ماحدث ، وللقصة بقية طريفة عل صديقنا الفاتح جبرا يحكيها لنا مرة آخرى….

وقد رأيت ان موضوع المخدرات عامة موضوع طويل وقد يسبب الملل فقررت التركيز على “البنقو” ذلك أنه تدور حول هذا المخدر بالذات حكايات مضحكة وقصص غريبة ، وهو مخدر يكاد يكون سودانى ونعرفه جمعياً ، ومؤخراً إنتشر إستعماله بين صغار الشباب والطلبة اليفع…ومع ذلك وقبل ذلك لست بواعظ ولامصلح وأترك للإشخاص كامل الحرية فى أن يفعلوا مايحبون بشرط أن يكونوا عارفون تماماً بطبيعة الفعل ومايحيط بالسلوك من مخاطر وحتى لانقول لاحقاً (ما كنت عارف ياريتنى كنت عارف..) ويمكن أن نبدأ بسوأل قد يبدوغريباً ، وهو هل للبنقو وهو فصيل من الحشيش فوائد؟ فى عصر بداية المسيحية كان يستعمل كمخدر ، وأيضاً الآن يستخرج منه زيت يشابه زيت الكتان (بطريقة العصر) ويستعمل فى مساحيق التجميل والشعر وحتى الطعام..وكذلك فى الطب الحديث استعمل كعقار لمعالجة الاثار الجانبية للعلاج الكيمائى للاورام الخبيثة.. ومحمد على باشا كان يصنع منه حبال قوية لسفنه الحربية فى زمن ما..

ثم يجىء السوال المهم وماهو البنقو؟  هو نبات آحادى الجنس – مصنف من المهلوسات- آى لاتوجد نباتات مذكرة ونباتات مؤنثة وقد وجد فى بعض الاماكن نبات يحمل الازهار المذكرة والمؤنثة معاً وهذه قد تكون بداية التعقيدات على البشر – أظن-  كما سنرى لاحقاً. ويقال أن اصل كلمة بنقو لاتينية وتعنى (الضوضاء) وآخرون قالوا بانها مشتقة من الهندية من كلمة (بانج) وتعنى الغبار أو التراب، وهو نبتة تنمو فى اى مكان فى العالم ويسمى (القنب) وعلمياً يسمى (الكانبيس ساتيفا) والمادة الفعالة هى مادة (تتراهايدروكنابينول)

ماذا يحدث عند تدخين البنقو؟ تاثير (السيجارة) وحسب النوعية والجودة يدوم مابين ساعتين الى ثلاثة وفيها يحدث أن يجف الحلق (نشاف الريق) وإحتقان حدقات العيون (الكبسنة) ثم عدم المقدرة على التركيز (الطشة) وإرتفاع ضغط الدم وتزايد ضربات القلب (اللبشة) ، وأيضاً يحدث إختلال فى إدراك الزمن والمسافة وحتى أحجام الأشياء ، والإحساس المفرط بجمال الالوان والشعور بانها زاهية (الغشة) ويتعاظم الإحساس بالاصوات وتتضخم لذا تجد المدخنين لايحبون الصخب ويتجنبون (الجوطة) والاحساس بالزمن يختلف عندهم نحو الطول والبطء ، ونلاحظ ان ناس البنقو يحبون أكل (السكريات) لانهم تلقائياً يفقدونها مع التدخين (ناس باسطات وطحنية وخلافه…)

هناك أقوال وحكايات تبدو اسطورية عن البنقو ، ويقول بعض الناس ان له علاقة بالإبداع والإضحاك والنكتة ، والامر لايعدو أن يكون (إختلاط فى المذاهب) فالمتعاطى تكون عنده المقدرة الإستيعابية فى ادنى درجاتها بمعنى أنه لايفهم مايقال له وطبيعة الموقف ومن هنا تاتى النكتة ، وأروى هنا قصة صاحب التاكسى وهو واقف فى المحطة ومنتشى ينتظر الزبائن فجئن اليه بنات صغار وقلن له: ياعمو نحنا ماشين الخرطوم فرد بكل برود: أمشو لكين ما تتأخروا!! فاصبحت نكتة ولكن اذا حللنا الموقف نجد أن صاحب التاكسى فى الواقع لم يفهم ماهو المطلوب… والآخر مستلقياً فى (برنده) لها بابان فدخلت طيرة من احد الابواب وخرجت من الاخر بسرعة وهو يراقب فقال: يعنى عملتى شنو؟ هو أيضاً لم يستوعب الحادث بالصورة الطبيعية..وهناك من يروج للبنقو كمنشط جنسى ويحكون قصصاً عجابا فى هذا المنحى ، وهذه القصص تاتى من المدخنين أنفسهم فى الغالب وذلك يعزى لانهم يفقدون الإحساس الصحيح بالزمن أثناء ممارسة الجنس ويحسون بانه أصبح طويلاً طويلا وهو ليس بطويل ولكنهم لايدرون!…الثابت أن البنقو يزيد من الرغبة الجنسية وليس المقدرة الجنسية…أن تُريد فهذا أمر وتستطيع فهذا أمر آخر.. ولكن رويدأ رويداً وبمرور السنين يبتدى مدخن البنقو يفقد المقدرة الجنسية ثم الرغبة ، وكما قال الشايقى ( لا عن هنا سلامى) ولكن تتطور الامور مع الزمن فيبدأ عند المدخن المدمن تغييرات فى الصوت ويصبح له صوتاً رقيقاً نسائياً بعض الشىء ثم يبدأ الصدر فى التضخم نوعاً ما ، وقد يمر بما يسمى “بالحالة التحولية” فالرجل يتجه الى ان يتحول الى انثى والمرأة المدخنة للبنقو تتحول تدريجياً الى ذكر (راجل عديل) فيغلظ صوتها وينمو لها شعر فى الوجه وتختل عندها الدورة الشهرية وهكذا…وهذه حالة مردها الى إختلال الهرمون المذكر عندهم (التستسترون)

أما فيما يخص الإبداع  فالبنقو لاينتج إبداعاً أو فناً على الإطلاق ، ولكن يحدث أن يكون الشخص أصلاً مبدع ومدخن للمخدر فى آن واحد، وقد يعطيه نظرة غير عادية للامور ولكنه لايصنع المقدرة الإبداعية والروح الفنانة هذا اكيد..

وسوال آخر : هل البنقو يتسبب فى الجنون؟ فى الواقع هذا كلام يتناقله الناس دون معرفة ثابتة او حقيقة مدركة ، والثابت أن البنقو يتسبب فى كوراث كثيرة للمتعاطين ليس من بينها الجنون! وحتى مصطلح “جنون” مشكوك فى أمره من الناحية السيكولوجية العلمية فهو لايوجد! ولكن أيضاً قد رأينا شخصاً تعاطى هذا المخدر المهلوس وحدثت له احوال غريبة وتغيرات مذهلة أستمرت زمناً وأُخضع للعلاج العقلى أو النفسى، والمعلوم أن البنقو يظهر ويُعجل بظهور أمراض عقلية أو نفسية كانت مخفية فى تلافيف الشخصية لاسباب مجهولة…البنقو كمخدر مهلوس يتسبب فى حالات فزع ورعب ورؤء مضخمة أو مصغرة ومن ثم حالات مرح وضحك  وفزع منطقية ومقبولة علمياً..فالبنقو يغير مزاج الإنسان وطريقة عمل المخ كاى مخدر آخر…

وللبنقو والحشيش أضرار كثيرة لاتحصر منها حالة القلق وعدم النوم والبارانويا والإرتياب والتعرض لهلاويس سمعية وبصرية ، وضعف إنقباض عضلة القلب ، وإصابة جهاز المناعة وإضطرابات الهرمونات والعجز الجنسى والتبلد الإجتماعى وعدم التفاعل مع مشاكل المجتمع ، والبنقو يؤثر على المخ ومكونات الخلية وإصابة الكروموزومات ، أضف الى ذلك الأضرار الإجتماعية كالتبلد وعدم التفاعل مع الغير وكثرة حوادث المرور لموضوع المسافات غير المضبوطة…

وقبل الندوة فى ونسة جانبية عقد الصديق جبرا مقارنة طريفة بين (المسطول) و (السكران) وقد ضحكت كثيراً وذلك لتباين المواقف وإختلاف الامور نهائياً بينهما ، فالاول يميل الى الهدوء وعدم الصخب والثانى باخع نفسه فى كل الجوطات والعرضات والشلاقات وحتى البُطان..وصاحب السيجارة مائل الى الحلويات والسكريات وصاحب القزازة (زول محدقات وشطات) الاول مسالم بطبيعة المنتج والتانى مصادم بالضرورة .. وهم كبشر لايجتمعون مع بعض كثيراً للإختلافات المزاجية الجذرية بل لايحبون احاديث بعضهم ويجدونها للطرافة مملة ، وقد نجد أن أحد البشر يقوم بالاثنان معاً – وهذا ليس بنادر الحدوث بالمناسبة – وهذا يسمى خاطف لونين ، عينة من البشر تؤشر شمالاً وتلف يمين وهو صاحب بالين و طبعاً (كضاب) ونسبة التدمير تكون عندهم عالية والتحطيم متسارعة فهولاء أشخاص لايدومون كثيراً فى دنينتنا الجميلة ، فأسال الله لى ولكم الستر والعافية وكل عام وانتم بخير..

التعليقات
  1. ود المهدي كتب:

    رمضان كريم يا دكتور والله اوفيت وكفيت لكن ما قلت لينا عن ريحة البنقو
    والله ريحتو كريهة شديد وما بتروح الزول الضارب السيجارة – عشان كدا
    الجماعة تلقاهم مولعين بخور وقرض وند وفي واحد كان لمن يجي يولع
    السجارة اول حاجة يلم الكوشة كلها قدام البيت ويحرقا وبعد داك يولع
    يعني زي (تغطية) لكن الريحة فظيعة
    شكرا وكل عام وانتم بخير

  2. AFLAIGA كتب:

    الحبيب قرن والله الليله يوم الرجال شنو يا زول قمت على ناس المزاج العالى لكن العجينى انو الكلام تخصصى يعنى لو فى واحد مسطول او سكران قرا كلامك ده حيقول ليك :
    والله يا دكتور مع احترامى ليك يعنى لو ما كلامك كلو علمى وفيهو مصطلحات والطب اتطور كنت اقول ده نبذ عدييل كده …..
    يعنى جبرا وقرن فى ندوه مع بعض دى حاجه ما تخلص ابدا كنتو تسوقو معاكم البشاوى اناء الله كنموذج ههههههههههههههههههههههههههههههه
    تحياتى ايها المكتوى بالنار وحان قطافها ..
    طبعا من كلام ناسىالمزاج العالى برضو انو بيدخلو الكلام فى بعض مثلا :
    انتو ضابحين ولا ريحة الابرى دى شنو ؟؟
    وكان جالك الطوفان سدو واستريح !!
    ومكر مفر مقبل معا ما بين ساف وتاف ومقبل عليها !!

  3. ياسين شمباتى كتب:

    الحبيب قرنوف..سلامات..
    وكل عام وانت بالف خير وصحة..بالجد بوست مفيد جدا جدا وخفيف كمان,,ربنا يحفظنا ويحفظنا آلنا وصحبنا من كل سوء ومكروه.

  4. حاج أحمد السلاوى كتب:

    الأخ العزيز أرن شطة ( بلهجة جيراننا شمالاً).اين أنت يارجل ؟ مسجل غياب شديد حتى إفتكرنا إنك غادرت دولة أمازونيا العظمى ..
    الموضوع شيق جدن وعرفنا منه معلومات لم ندركها من قبل..فجزاك الله خيرا ..
    زماااااااااااااااااان كنا بنقول .. ما تقطع الجوابات ..لاكين حسه بيقولوا .. خليك أون لاين ..
    حمانا الله وإياكم من عالم المساطيل والفاقدين عقولهم بأيديهم ومحض إرادتهم ..

  5. ياسين شمباتى كتب:

    سلولو,,
    يعنى تبعد من الخلطة السحرية! ايوا

  6. قرن شطة كتب:

    الاخ ود المهدى
    صباح الخير …طبعا الريحة نفاذة جداً وما بتدسها نهائى …لكين كونوا الواحد يولع حريقة فى الكوشة عشان يعمل تغطية للريحة دى كتيرة شوية ، ولو إنو فى ناس كترين فى كاراكوبيا الإنتحادية حتى ولا مساطيل قاعدين يولعوا النار فى الكوشة!! طبعا عشان يغطوا الريحة الما كويسة…رايك شنو…تحياتى ورمضان كريم.

  7. قرن شطة كتب:

    العزيز جداً / أفليقا
    صباحك نور يا صاحب المزاج العالى فى سماهو الايامات دى وكده…قلت كيف كان ما علمى كنتو قلتو نبذ عديل!! يا اخى بالغتا فوكها! طبعا الجماعة ديل قصصهم كتيرة ومسيخة وهم فى رمضان الايامات دى تقريباً محبسون…والموضوع فيهو لسع مرفقات وملحقات بعضها لايصلح للنشر والتعميم…تحياتى يا ظريف ورمضان كريم

  8. قرن شطة كتب:

    العزيز / حاج احمد السلاوى
    رمضان كريم وكل عام وانتم بخير ياصديقى
    اولاً لسع موجود فى أمازونيا الفيدرالية ولو إنو ح أغادر عما قريب وفور قوود ان شاء الله المرة دى..القصة هنا ضاقت حلقاتها وكنا نظن انها ستفرج لكنها ضاقت تانى! نتلاقى فى ساعة خير ودائماً فى سوداننا الافتراضى…تحياتى للإسرة ولا تنقطع

  9. قرن شطة كتب:

    الاخ شمباتى
    صباح الخير ..
    الخلطة السحرية دى أظنها شىء بيعملوهو فى اماكن التجميل والكوافيرات مش كده؟ طبعا انا عارف الخلطة السحرية التى اليها تسيرون ، ودى دايرة ناس بمواصفات خاصة جداً…تحياتى ودمتا..

  10. ياسين شمباتى كتب:

    قرن شطة..
    الخلطة السحرية-وفى رواية السرية-اسال منها السلاوى دا او طارق اب احمد,,تجنن! واااااااااااااااااو..

  11. طارق أب أحمد كتب:

    قرانوف
    ما قلت لينا سطله السلطه كيف يا عمك
    بس أوعي تقول لي
    ياريتنى كنت عارف

أضف تعليق