على خطى السودان

فكرة ان اصوم رمضان وأفطر وأدعو الله ثم أتفرج في قنواتنا السودانية كما ورد في بوست آخر في سوداننا علي القنوات السودانية وهي تبث الأعاني تلو الأغاني تلو الأغاني لم تنزل لي من زور أبدا

بدأت أستعيض عنها تارة بالعزوف عنها وتارة بالبحث  عن بدائل إلى أن هداني الله هذه السنة والصدفة البحتة وهروبا من أي شيء أخر

فتحت قناة العربية لعل وعسي يأتي خبر يسر البال غير هذا السيل الجارف من القصف والضرب والسحل والحرق والذبح والبراميل المتفجرة

والغازات السامة ولأني لا املك بديلا استمريت في متابعة النشرات وتماما في الثامنة النصف مساء قامت القناة بعرض برنامج كنت أنتظره كل يوم جمعة الثانية والنصف بعد صلاة الجمعة

وهو البرنامج الذ يقدمه الدكتور عيد اليحي ر( على خطي العرب)حتى عرفت أن الله قد عوض صبري خيرا

والله لم أحسب ان الجبال الرواسي على يد هذا الأديب الجيلوجي الأنثربولوجي اللأركيلوجي  يمكن أن تحكي أجمل القصص .يمكن أن تكون لوحاتا فنية غاية في الروعة

ويمكن للرمال في الصحراء علي يده ان تتحدث بالأخبار وتبث مكنونها لكل المحبين ويمكن أن نكون مع صحبي أمرؤ القيس ونبكي معه على الأطلال وأن نري الرماح على نحر فرس عنترة بن شداد ونسمع شكواه والرماح تنغرز على صدره

ويمكن أن نجري أسرع من الخيل مع الشاعر الشنفري صعلوك العرب الذ لا يشق له غبار في الجري والسرعة والقوة الجسمانية ويمكن ان نعرف ماذا تأبط شرا أبن خالة الشنفري في أبطه وأحضره هدية لأمه

إنها رحلة من المتعة والشعر والتاريخ والحب والهوي ليس لها مثيل البرنامج على قناة العربية ومتاع على الأنترنت. لمن أراد الأبتعاد عن قنوات الهلس والمسلسلات الفارغة والمليانة بالأشياء الفارغة والغناء

أكتب هذه المقالة وأشجع علماؤنا وعلي رأسهم أخونا الفاتح جبرة للقيام بتوثيق السودان نعم توثيق السودان  شعراؤه وعماؤه ورجالته وأبطاله سهوله وجباله وأنهاره كما فعل هذا العالم الشاب دكتور عيد اليحي

علما بأنه أظهر  موسوعيته  ( عيد اليحي)وأستعانته بأفضل المصورين و برزت خبرته في أمتطاء الأبل والخيل والتخييم ووصناعة الخبز المدفون في الجمر وأستعداده للعيش في كل الظروف

فما بين صخور متحولة ورخامية وجرانيتية وجيرية كتبت فيها عوامل التعرية أروع القصص التاريخية إلى كتابات بلغات منقرضة يجعلنا نسير مع الخنساء في أرضها ونقف مع السموأل أوفي العرب في حصنه ونلثم الأثار ببرقة ثهمد مع طرفة بن العبد  ونجلس مع عمرو بن كلثوم وعمرو بن هند في مجلس واحد نشرب ماء صفوا  ويشرب غيرنا كدرا وطينا ويأخذكم عيد اليحي لتجدو أنفسكم تمسكون بملابس الفتيات في الغدير الذي دخلن للإستحمام فيه وتسلل خلسة وأمسك ملابسهن وأشترط عليهن من أرادت ملابسها أن تخرج وتأتي اليه ليسلمها له  وقد فعلن وكانت شكواهن أنهن تأخرن داخل الماء خجلا حتى أخذ منهن الجوع مأخذ فعقر لهن الناقة وكأني بكم تزكي انوفكم رائحة الشواء وتجلسون مجلسا لم يجلسه هارون الرشيد

وواضح أن العمل تمت كتابته وأخراجه في ثوب غاية في التشويق فعسى أن ينبري لبلدنا وفيها حضارة تمتد لأكثر من خمسة آلاف عام حسب أخر كشف لموقع مأهول وحضارة في العالم في منطقة مروي

ناهيك عن روائع السلطنة الزرقاء ودارفور والشرق والعبدلب وربوع كردفان شمالا وجنوبا وما تحويه من لوحات تسلب اللب  وتدهش العقول وتسمو بالنفوس .