ما بين انتخابات العراق والسودان ” الصيت والصنة ”

Posted: الأربعاء,10 مارس, 2010 by monimdeef in سياسية

كما تابعنا جميعا “الصيت” والزخم الكبير والحضور الإعلامي الكثيف الذي حظيت به الانتخابات العراقية الحالية، وما سبقها من حملات الدعاية المكثفة والمدفوعة الأجر للمرشحين على القنوات الكبيرة مثل العربية التي أولت اهتمام غير مسبوق بالانتخابات العراقية ربما فاق ما قامت به أيام الانتخابات الأمريكية الأخيرة لدرجة أصابت المشاهد بالملل من كثرة الفواصل الإعلانية الانتخابية التي حُشرت بين كل فقرة وأخرى حتى حفظنا عن ظهر قلب قوائمهم وصور مرشحيهم وبرامجهم كأننا سنمتحن فيها. وقد أبلت حسناوات هذه القناوات الماهرات وشبكة المراسلين الكبيرة أيما بلاء في متابعة وتوثيق هذا الحدث الذي أكتسب أهمية إضافية بسبب هذه الأضواء الصاخبة التي سلطت عليه فدخل كل البيوت بلا استئذان وعرفه القاصي والداني في جميع أنحاء المعمورة وأركويت وأمبدة والإسكان. 

لا ندري ولكن ربما هذا نابع من أهمية العراق كدولة ذات ارث حضاري ودولة عربية كبيرة ومهمة وغنية ، أم لأسباب سياسة متعلقة بكونها محتلة من أمريكا أم الاثنين معا. أم لسبب ثالث متعلق بكونها أهم انتخابات في تاريخ العراق الحديث بعد خروجه من عدد من الديكتاتوريات والحروب والحصارات التي كان غارقا فيها منذ أزمنة طويلة وها هو يخرج منها ليضمد جراحه ويفتح صفحة جديدة مستشرفاً حياة أفضل في أول تجربة ديمقراطية يتنافس فيها الكل على تقديم أفضل ما عندهم والشعب أختار من اختار وسيسدل الستار عليها يوم الخميس بعد إعلان النتائج إنشاء الله. 

ونحن في السودان أيضا قاب قوسين أو أدنى من انتخابات لا تقل أهمية عن انتخابات العراق وهي تشكل تاريخ مرحلة مهمة في حياتنا السياسة بعد انتهاء عشرون عاما من الحكم العسكري الذي أطاح بديمقراطية ناتجة عن انتخابات حرة ونزيهة جرت عام 1987 ، ونشبه العراق في كثير من الظروف فلدينا تعدد عرقيات واديان وحروب وفتن وجيوش متمردة ومعارضة مسلحة وانهيار اقتصادي وفساد وفقر وغيرها من الابتلاءات ، ورغم أنه لا يوجد لدينا عنف وتفجيرات كالتي في العراق ، ولسنا محتلين من أمريكا ولكننا لسنا اقل منهم تعاسة وفشلاً وتصدراً للنشرات بالأخبار غير الايجابية. 

السؤال هو أين ” الصيت “ والزخم الإعلامي من انتخاباتنا ، لماذا هذه “الصنة” من قبل قنوات الإعلام العربي الكبيرة ، أين العربية والجزيرة اللتان حسب ما ألاحظ ( يا دوب يجيبوا) خبر مختضب عن الانتخابات السودانية و” طيران ” على أفغانستان والعراق وإيران، ومع أنه لا احد يتمنى أن نكون مثلهم ولا شك أن لديهم مشاكل أكثر و” بلاوي ” أكثر لذا سيرتهم على لسان كل القنوات وعلى مدار الساعة ، نحن بلا شك كنا نتمنى أن يذيعوا أخبار سارة عن السودان مثل تجربة الديمقراطية والانتخابات المهمة التي تشغل الرأي المحلي لدينا في هذه الفترة ولا نطمع في أكثر من خروج هذا الحدث من المحلية ومن قناتنا السودانية الرسمية ضعيفة المشاهدة إلى حيز الإقليمية العربية كحد أقصى، متمنين وحالمين بالنهضة والتطور الذي سيعم بلادنا بعد هذه الانتخابات ويأتي قريبا إنشاء الله اليوم الذي نطوي فيه صفحات الخلافات والحروب والفتن ونسمع  سيرة السودان في أحداث الرفاهية مثل مشاركته في حفلات الأوسكار على سبيل المثال والتي توزع جوائزها هذه الأيام وأن يكون هناك فيلم سوداني فائز بالجائزة الأولى، وعدد من نجومنا حصلوا على جائزة أحسن ممثل أو أحسن سيناريو أو مخرج ، أو أن “يجيبوا” خبرنا في النشرات الرياضية ويكون أحد فرقنا محور نشرة رياضية أو حتى مثار جدل في برنامج مثل ” صدى الملاعب ” أو أي شيء سار ومشرف ، ولكن بالتأكيد وجد الحدث المأساوي لوفاة اللاعب ” ايداهور”  حظه الوافر وما يستحقه من الاهتمام والمتابعة وأجريت بسببه اللقاءات وعقدت حلقات النقاش عبر الأقمار الصناعية لبحثه وإخبار كل العالم به لأنه مصيبة ومأساة ، والله الشعب السوداني ” فتر ” من المصائب والفضائح ونتمنى من القنوات الكبيرة أن تلتفت وتهتم بأخبارنا الايجابية والتي أهمها في هذه المرحلة هي الانتخابات وكفاها لطماً في جسد السودان الجريح .     

ونحن محلياً أيضا نشارك في تثبيت هذه الدونية فهذه قناة ” زول ” تعرض برامج جماهيرية واتصالات وجوائز و” خزنة ” ورقم سري و”همر” وغيرها أسوة بـ mbc وLBC وغيرهن من الشهيرات في مثل هذه البرامج ،ويقدمنها فتيات سودانيات جميلات لكن ” طبزت ” قناة زول الموضوع بتطعيم مذيعاتنا السودانيات بشاب لبناني وسيم ، ولا ادري لزوم ماذا هذا اللبناني ، هل هو نوع من كسر حدة المحلية ولكي يجلب هذا الوسيم الشهرة والمشاهدة والحب والاتصالات للقناة ويملاً الخزنة ويجيب حق “الهمر” أم مجرد عقدة ” لبننه ” وكثيراً ما أشاهدهم يقدمون أغاني و” كليبات ” عربية بحتة لا تمت للثقافة السودانية بشيء كنوع من المقبلات ولكن في تقديري طبخة مثل هذه ستكون غير ” مسبوكة ” وحا “يجيك” الطعم اللبناني لوحده والسوداني لوحده يعني مثل “القراصة بالشاورما” لا يمكن أن ” تظبط ” مع بعض . فكثيراً ما نسمع من السياسيين والصحفيين السودانيين أن السودان يمر بسيناريو ” الصوملة ” أو” الأفغنة ” وأنا أضيف لها أننا أيضا متجهون بسرعة نحو سيناريو ” اللبننه ” الذي بدأت معالمه تظهر على وجوه بنات بلدي ليكّن مثل رصيفاتهن اللبنانيات وجاهةً وبياض وجه ” بلا سودان ، بلا سمرة ، بلا شامة ، بلا وردي ” خلينا مع الجمال اللبناني الأصيل والفن اللبناني الأكثر أصالة. 

أنا شخصيا إلى اليوم لا أعلم بالضبط بكل أسماء المرشحين العشرة لرئاسة الجمهورية ومتأكد من ستة فقط ، ولم اسمع عن كامل إدريس المرشح المستقل إلا عبر النت ولم أصادفه مطلقا في برنامج تلفزيوني، ولا أستبعد أن يفوز حاتم السر إذا صوتنا كشعب سوداني بعقيدة الطائفة وحبنا واعتقادنا في  الميرغني كزعيم محبوب ومتبوع ، ولا استبعد سقوط البشير إذا نظر الشعب السوداني بحكمة ووعي للإخفاقات التي تمت خلال فترة حكمه الطويلة ، ولا أجد مبرر لعدم اهتمام القنوات العربية الكبيرة بشان الانتخابات السودانية إلا من باب عدم اللزوم أو اليأس من حالة الانتخابات السودانية والحكم عليها سلفاً بعدم الشفافية والنزاهة ، أم مجرد تهميش لدولة آفروعربية ” مجهجهة ” لا هي طائلة للعروبة ولا راضية بإفريقيتها ، ومن له اعتقاد أو رأي آخر يرجى التكرم بتزويدنا به . 

مع جزيل الشكر والتقدير   ،،

التعليقات
  1. يا عبدالمنعم أخوي الما دايرك ما بهتم بيكas simple as that

  2. هشام عبد الله كتب:

    الأستاذ الكريم/ ساخر سبيل…
    ليس هناك إعلام عربي صانع للحدث ، كل الذي تراه هو مجاراة للإعلام الغربي…بمعنى أن الإعلام الغربي مهتم بالعملية الإنتخابية في العراق لمعرفة مدى نجاح الإستراتيجية الأمريكية التي أعلنت والتي حارب من أجلها أبناءهم……
    وعندما يسلط الإعلام الغربي الضوء على الإنتخابات السودانية …. عندها ستجد التهافت ….
    ولا يخفى عليك أن هناك كتاب شهير بعنوان ” التهافت”

  3. نتوقع عزيزي عبد المنعم بعد دا أن نكون محل اهتمام خاصة بعد ما أولاد جون وصلوا البلاد أمبارح و عددهم خمسين مراقب بالتمام و الكمال و ابتدأوا في اللقاءات…..

    الغريبة مبارك الفاضل قال لقد استورد المؤتمر الوطني خبراء في مجال التزوير… يا ربي قاصد الخمسين ديل

  4. حاج أحمد السلاوى كتب:

    بو عصمت ..سلام
    العكس هو الصحيح.. الخمسين ديل جايين يتعلموا من جماعة المؤتمر الوطنى ..الشغل الصاح .

  5. elturkey كتب:

    زميل منعم اهلين بيك ….. ياخ خليهم يخلونا كدة افضل هسع يجيبو خبر الانتخابات يقولو شنو ونحن ماقاعدين نجيب جديد فى اخبارها كل اليوم ناس المؤتمر الوطنى بتضرعو فى القنوات السودانية ماتعرفها دعاية انتخابية ولا انجازات تمويهية …. ياخ الأول خلى اعلامنا يدى المرشحين فرصة ونعرفهم عشان نقدر نقدمهم للاعلام العربى او حتى العالمى … لك التحايا

  6. moshahidah كتب:

    نفس الشئ اللي لاحظتو يا منعم ..يلا لكن امكن لانو لسه بدري ..ما عارفه
    المهم انو اصلا السودانين عندنا مشكلة في الكلام في القنوات الفضائية ..

    بلفوا بدوروا
    ما بردو علي السؤال الموجة و يستمر الواحد يسمع الخطاب العايز يقولوا بغض النظر عن الحوار الداير

    خلينا ننتظر و ما تلوم القنوات ..لانو الاهتمام بالانتخبات الايرانية كان كبير برضو ..يعني ما معقول ايران اهم مننا بالنسبة للعربية مثلا ..

    و لما يكون عندنا مشكلة بحاولوا يتابعوا الخبر لكن شكلوا في حصار و ممنوع ينقلوا اي حاجة ..ابسط شئ اتذكر حادث الشهر الفات بتاع ضرب الرئيس …لم يذاع ..شطب بسرعة و تم التكتم عليه ..

    فالننتظر ..

  7. اولا :- الشعب السوداني بحب رمز السيادة الوطنية المشير عمر حسن البشير نسبة لان وعد بالتنمية والتعليم والسلام والصحة والامن فلم يخلف وعده وعاش الشعب السوداني في قمة الرفاهية بخلاف مايجروج اعدا السودان من ابنايهم وغيرهم من اجل مصالح خاصة بهم فالشعب السوداني بريا منهم براة الذئب من دم بن يعقوب فالشعب السوداني اليوم خلف البشير في الانتخابات وتوكد النتائج بفوزه في الانتخابات بعوني الله تعالي ثم الشعب السوداني

  8. ُمخير كتب:

    الحلوين سلام ومحبة واحترام
    السلام عليكم ومشتاقين
    ألخ عثمان إدريس علي عثمان أهلا بك في دارك، قلت ماذا ؟؟ الرئيس وعد الشعب بشنو ؟؟؟ (بالتنمية والتعليم والسلام والصحة والامن)) والكلام ده كلو موجود وبكثرة لأنو الريس (لم يخلف وعده) وحقاً الشعب السوداني عايش في قمة الرفاهية كمان، والله ألف مبروك للرئيس وعقبال واحد وخمسين سنة تانية تحت ظل حكومة المؤتمر الوطني الرشيدة…

  9. العراقي كتب:

    السلام عليكم
    الموضوع مهم ويفتح ابواب بخصوص الاعلام العربي
    اليوم الاعلام العربي بيد ( قطر والسعودية ) وزمان مصر واعلامها راح وانتهى
    القنوات الخليجية لمن سلطت الاضواء مثلا على الانتخابات العراقية فهم كان قصدهم دعم المرشحين الموالين لدول الخليج
    ولا ابالغ لو أقول ان 20% او 40 من التفجيرات بالعراق من ورائها قناة العربية والشرقية والبغدادية …. انا ابتعدت عن الموضوع … وارجع اسال صاحب المقال

    هل تود ات يتدخل الاعلام العربي بالشأن السوداني ؟؟؟؟؟ لو كان جوابك بـ لا فأنت بأمن وامان
    وان كان جوابك بـ نعم فأنت مهدور الدم زنديق فاجر ( حاشاك واجل الله القارئين ) … ولا تسأل عن السبب ففي امة العرب يبطل العجب
    ونصيحة من العراق الى السودان ( أبعد عن الوطن العربي وغنيلو )

    شكرا

أضف تعليق