النوستالجيا وحاجات تانية…

Posted: الخميس,25 أوت, 2011 by قرن شطة in إجتماعية

النوستالجيا مصطلح إغريقى مُركب يعنى بإختصار الحنين الى الماضى ، والموضوع الى هنا طبيعى فكلنا بشر ونحِن الى لحظات سعادة مرت علينا فى سالف الدهر وغابر الازمان ، ولكن هذا الحنين يبدأ فى الإزدياد والتراكم وحتى الإحتقان بمصاحبة وإستناداً على عامل آخر هو الحاضر المعاش والواقع الصلد…لا أظن أن مسجوناً مثلاً فى زنزانة مظلمة ولمدة طويلة مع معاملة قاسية يحن الى ذلك الماضى الإ إذا كان الشخص المعنى والحانى ماطبيعى! يعنى مسألة الحنين “ما طالقه دربها ساكت” ثم أن الماضى وإسترجاعة مرتبط بقضايا آخرى منها ميكانزمات الإسترجاع والعمر والسن والمرحلة وبالتالى الخبرة فى الحياة والتطور العقلى والمعايشات والتعليم والمعرفة بكل طرقها ووسائلها.

ما قادنى لكتابة هذه الكلمات – مع أنى ومنذ زمن قررت أن لا أكتب فى إى شىء وأظل وكما تقول الإغنية (أعاين بعيونى) ولا حتى أقطف زهور اى حاجة من إى حاجة حتى نشوف آخرتا..ثم جاء الشهر الكريم وقد إستبشرت خيراً ذلك أن بعض ملاباسته وممارسته تجلب الى النفس لحظات هنية قد ضاعت فى زحمة الحياة ومشاريعها الحضارية والخاسرة ، وسوف أقفز فوق تفاصيل الكارثة العمومية وأصل الى نهاية اليوم الرمضانى وكنت وغيرى أشاهد بعد الفطور مباشرة برنامج (أغانى وأغانى) وفى يدى القهوة الفواحة وأراقب ضحكة الاستاذ السر قدور المجلجلة والمتفائلة والذى رغم السنون لا زال شاباً فتياً وإبداعات شعراء الحقيبة واصوات مبدعينا الندية، ولكنهم أرجاءوا بثه الى (نصايص الليل) مواعيد لاتمكن معظم الناس من متابعته لظروف رمضان والناس فيه، وبديلاً له يبثون شىء يسمى (بيت الكُل) ورغم محاولاتى الجادة والحثيثة لمتابعة احداثه لم أفهم حرفاً يمر ، وبالطبع لم أضحك مع أن الضحك مضُمن فى تسجيل البرنامج وكأنهم يقولون لنا أضحكوا بالمجاراة والمجاملة واللزومية، ونحن قوم لانجارى آى شىء ولانلتزم الا بالصحيح والذى يضحك بدون أن يفهم ربما يكون (عيان) او معيون .. كل إحترامى للإخوة الفنانيين والممثليين وندرى أيضاً أن “المعايش جبارة” وأصبحت صعبة جداً ولكن لاجل أن يضحكونا فى هذا الزمن الأغبر يحتاجوا صراحة لان (يكلكلونا) ولا أرى طريقة آخرى وحتى هذه لا أضمن نتائجها! واعتقد انهم ايضاً معذرون بل ضحايا ، وقد يعلمون حق العلم أن لاهناك حياة مسرحية وثقافية ودرامية وأدبية صحيحة ومعافة فى أنظمة شمولية تسلطية، ولكنهم يقومون بما فى الإمكان… وقد ذهبت أشاهد برنامج سعودى يسمى (طاش ما طاش) وهو ليس بطاش (طاشين نحنا) فهو هادف ويعالج مشاكل مجتمع معقدة بطريقة مقبولة وممتعة ، وفيه يظهر أحياناً ذلك السودانى الطيب واللايوق بمتلازمة حسن النية وهذه عينة قد تسربت من هنا بدرى بسبب شىء من ضيق الحياة أو صالح عام أو قرف شمولى أوأوأوأو ومع ذلك متُابعين بالضرائب والمكوث والجبايات متابعة الظل لصاحبه…

وقد قررت أن أشوف بعض الافلام الاجنبية طالما الافلام المحلية بقت هندية وثقيلة على النفس والقلب، ولم استطع فكلما فتحت موقعاً للأفلام أجد أن هيئة الإتصالات قد حظرته واقفلته! اقسم بالله أن هذه المواقع التى إرتادها ليست مواقع أفلام مخلة أو فاضحة ولكنى أظن أن من يقوم بهذا الحظر ليس لديه ادنى فكرة ، وهذا المنع إما ان يكون عشوائى المصدر أو كيدى المنشأ ولاعجب فهذه المهمات وغيرها تؤكل الى أناس ليست لديهم اى فكرة عن اى شىء ولا يُسألون عما يفعلون. أما تلفزيوناتنا عموماً فقد رست على دقون وطارات ولاشىء آخر ، مع إستضافة بعض المتملقين الموسمين والدجالين المحترفين ذوى الجلاليب الناصعة والبطون البيضاء..

وأيضاً كنت وكثير من السودانين ندوام على إذاعة البى بى سى نستمع الى برامجها التثقفية والتعليمية بل نستقصى مايدور فى بلادنا منها وهى محطة معروفة بالمهنية والحياد وتحرى دقة الاخبار، ولكن أوقفوها لاسباب لانعرفها أو قل فى الحقيقة نعرفها ونصمت! إبتدأت أشك فى ان كل شىء جالب لنوع من الترفيه وتزجية الوقت للبشر فى بلد تنعدم فيه وسائل الترفيه غير المكلف يجب أن يُمنع وهذا يسمى بالعقوبات “التكديرية” والجماعية ” فالشيشة” سيئة الذكر أصبحت تقام لها الكشات وتصادر الادوات وبالدفارات الحكومية ، مع العلم باضرارها ولكن المنع ليس هو أحسن الحلول دائماً…

أعرف أن الانسان كلما تقدم به العمر وتعاقبت على وجوده الازمنة أصبح صعب الإرضاء وذلك أنه عاش ماتيسر وتعلم ما أستطاع وعرف ماقدر عليه فصار إنتقائياً ، وربما علم بمواطن الخلل فى الامور وقد يعرف أيضاً كيفيات العلاج والتى جوهرها الصبر وتُقبل الاشياء كما تأتى وترك الزمن للزمن فلا شىء يدوم وبالاخص الظلم، وعليه يكون الحنين الى الماضى أمراً صحياً بل ضروريا ذلك أن هذا الذى نتذكره بحنين دافق وسعادة إفتراضية هو نوع من التاريخ وبدونه تُفقد البوصلة وتنبهم الإتجاهات. أظن إننا كامة إذا لم نوجه بوصلة الحنين الى الماضى جيداً وفى الإتجاه السليم تظل النوستالجيا العقيمة تراودنا دائماً بدون حلول منطقية ومعقولة فالحنين الى المواضى والاشياء والناس والاماكن لايزيده الزمن الا إشتعالاً وتوهجاً وربما أورث الذاكرة التوهان والمشاعر  غليان غير مجدى..

وكل عام وانتم بخير..

التعليقات
  1. عزت كتب:

    كل عام أنت والجميع بخير………….
    ههههههههههههههههه قلت لي عترت في (بيت الكل)… وانت سمعت كلامهم.. يبدو لي ان هناك مشكلة كبيرة في ذلك البرنامج ففيه أي شئ غير الكوميديا…. لبس عجيب، وديكور بائس وجوطة كدا لست أدري ان كانو قد قصدوا اضحاكنا..

    الغريبة (الناس العجيبة) ديل ما بينشنوا الا على ما يعجب الناس ويعطلوه امعانا في تعذيبنا مع أن الزمن الاتكلمو فيهو في اشارة الى موعد أغاني وأغاني السابق بأنه يعطل الناس من الصلاة… تجري فيه أيضا غنا لوردي ونسوان كدا سامين نفسهم (بنات حوا) وهم يغنون ووردي يقول ليهم (زحوا لي النغني) كما قالت والدتكم الكريمة وفي نفس الزمن…… وكوووووولهم فرحانين…!!

    في دي غايتو كولنا ضاربانا النوستالجيا….. يا حليلك يا نميري..!!

  2. AFLAIGA كتب:

    تعرف يا قرن شطه اخشى ان تكون انت وكل جميل مثلك نوستالجيا الزمن الجاى الذى اعتقد انو زممن حيكون بالنسبه ليهو جواز سفر ..
    تعرف ياقرن اول مره امبارح احضر التلفزيون من رمضان بدا ومضطر عشان اشوف الاخبار تتخيل لقيت مره واحده بتعمل دعاية لى اربعة زيوت طعام فى وقت واحد بس تمشى تغير وتشيل الزيت الجديد وتجى – تعرف اتذكرت طوالى صحبى س المعرس مرتين وبقى ينلخبت فى اساميهم !!! تعرف يا قرن بالله من ناحية بتاعة علم نفس مع انو نفوسنا دى العلم ذاتو ما بقدر عليها كدى كلمنا عن انو زول واحد يعمل دعاية لى اربعه زيوت بنفس الولاء ونفس المشاعر ونفس الحماس !!!!! دى محيرانى كلو كلو ده مش الانفصام ولا ده براهو وده براهو زى ماقال بشاوى المرعب ؟؟؟

  3. ياسين شمباتى كتب:

    الحبيب قرن شطة..سلام..
    والله كايس ليك كلام مع النوستالجيا بس! الناس دى خلااااااس استسملت وآيست وما عادت تتذكر او تنتمى الى الزمن الجميل بكل مكوناتو وحاجاتو,,يعنى غصبا عنك تعيش الواق عالمر دا,,او تتهرى كدة..
    حسبى الله عليهم وربنا يجازى الكان السبب…

  4. الحبيب قرن شطه والسمار الكرام … كيف لا نعيش النوستالجيا بكل ابعادها ونحن نعشق الملاح البايت ؟؟؟ وحقيقة امبارح احلي والليلة ما فيهو اي شئ وابصم ليكم علي بكره … ويا افليقا البت بتاعت دعاية بنك البركة دي انا لامن اول امبارح قايلها عاملة دعاية لي نفسها … الصورة في وادي والكلام في وادي .
    كسرة : والللللله يا قرن شطة انت زول عسل وما ساهل لكو كلو … والحمد لله بنكتب ليك بي كيبورد ما خط يد … قلت الزول من خطو ممكن تعرف ورقو ناقص ؟؟ الله يستر علينا ساااااااكت .

  5. طارق أب أحمد كتب:

    الحنين إلى الماضى
    دا السبب فى تفرد و تألق برنامج غاده عبد العزيز ونسة حبوبات
    فى نفس السياق بلدياتك راشد دياب الليله كان عامل ليله فى الجالارى بتاعو عن عتيق منقوله على الإذاعه الطبيه و قام ألقى خطبه عصماء عن معاناة الشعب و الضيق الحاصل شكلو كده فى إعادة ترتيب أوراق تمهيدا لمرحله قادمه

أضف تعليق