عرديب يا

Posted: الثلاثاء,6 جويلية, 2010 by khalidmadani in اخرى

سألتك بي حشا الأمُّات

ودمعاتنا

سألتك بي كبيداتِن

ودعواتنا

شليل وين راح

يكون ضُل الخريف فاتنا

شليل وين راح

وزي برق السماك

الجابها دُغشيه

وزي زغرودة البطن الكباريه

مرق من شامة القمرا

ومقدم بالعديل يبرا .

استند علي الطاولة وهو يقلب حزمة مفاتيح في يده … تراوده طيوف بعيدة وكلما حاول الامساك باحدها انفلتت منه علي صوت فرامل او بوري عربية … وما اكثر عرباتك يا خرطوم .

 

هذا المفتاح مختلف انه مفتاح الباب الداخلي للبيت … وهذا مفتاح غرفة داخلية … اما ذو علامة الهونداي فمفتاح العربية ولا شك … ومعه الريموت كذلك … جره ملمس المفاتيح الي تلك الايام … في ارياف بارا وقت الخريف وازهار البرم … كانت الارض حبلي وكذلك زوجته …  وكان كل موسم يرمي بذوره فيهما … وما كان الموسم يخيب .

 

تحسس المفاتيح في يده وقلبها بين اصابعه … كأنها فتحت ابواب ذكريات اجتهد كثيرا كي لا تفتح … تلك الارض ورثها من جدوده كابر عن كابر وسكب فيها عرقه نقيا طاهرا فانبتت له حلالا طيبا … كانت ارضا مثمرة وكذلك زوجته … توأمان سياميان تلك الارض والزوجة . كان الخير وفيرا والقلب اخضر والجار والصديق كأخ لك لم تلده امك … وكم كان يسعده ان لديه ما يساعد به الآخرين كما يسعده ان يساعدوه حين يحتاجهم .

 

كبر الاولاد وتفرقوا كل خلف ليلاه يسعي … بذكراهم غمرته موجة من سعادة حلوة احس بطعمها في حلقه … فنجابة اولاده شهد بها الجميع … حمد الله بصدق في السر وتوجع بهمس مسموع : استغفر الله … استغفر الله .

 

علمته الايام والمواسم ان السبع العجاف تعقبهن سبع سمان … وحين جف الزرع والضرع لم يجفل … ركز وتوكل على الله … خفف همه ان بنكا  قد تفاعل مع الحدث واعلن عن قروض ميسرة وغير ربوية … لم يحتاج في السابق للقروض كما ان شبهة الربا في السابق ابعدته عن البنوك .

 

حين دخل فرع البنك استقبله الهواء البارد من مكيفات الهواء … واسعده الوجه الهاش الباش لذلك الموظف الانيق بلحيته الخفيفة وعطره الزيتي المميز … في مدة وجيزة اكمل له الاجراءات بعد ان خيره بين مضاربة ومشاركة ومرابحة وبيع سلم … لم يسمع بهذه المعاملات من قبل ولم يهتم بها كثيرا فهي كلها غير ربوية كما ان صبوح الوجه قد ساعده باختيار افضل الخيارات … ثم ما همه من ذلك فالموسم علي الابواب ومحصوله سيفي بالدين ويفيض .

 

هزه ذلك العطر من جديد … تخبطت ذاكرته بعنف … موظف البنك نفسه ولكن وجهه لم يعد صبوحا … وضابط  وعسكر واختام بالشمع الاحمر … وجلالة يأـيه صوتها من المعسكر القريب : فأنزلن سكينة علينا … ومنجل يقتلعه من جذوره وهو ينتفض فيقمعه الجنود …  تقاربت اطياف من مات ومن فات وهو يهوم ليبقيهم …أعاده صوت نافذ الصبر للحظة : ما قلنا ليك عرديب يا !!!

 

ناوله العرديب بيد ويده الاخري تضع حزمة المفاتيح علي الطاولة المتهالكة امامه فحتما سيعود صاحبها لاخذها … التفت صاحب العطر لآخر وقف بجانبه وقال ممتعضا : ماااااا بارد .  

التعليقات
  1. عزت كتب:

    خالد مدني مرحب بيك كاتبا بعد غياب عن البوستات…. و لكن نشكر لك حضورك و تعليقاتك الظريفة مرة بعد مرة خاستا بعد أن استغرقك العمل الذي لا يفك الناس الا فترانين قريب المغرب…

    لكن سألتك من الخير ما تكون رحلت الباقير ….

    عموما قصة البنك دا و ما به من مقتنيات ذكرني ما صادفته في بنك ما في مدينة في وسط السودان…. أأأأخ من تلك المدينة و شبابها النضير المحبوس وراء الجدران و الحرز الآمن… فقد فلتت واحدة و بعد التدقيق معها عرفت أن جذورها ضاربة في مكان آخر يتميز بالهدوء و الدعة الذي انعكس في وجهها النضير و حديثها العذب فكنت أشتاق كثيرا لأول كل شهر ليس لحوجتى للماهية و لكن لكي اصرف شيك مرتبي منها فقد كانت تعمل في البنك و أيامها كان الشيك و تأكيد الرصيد يستغرق وقتا…

    شكرا للخدمات المتأخرة للمصارف وقتها و شكرا للتأخير الذي يلازم عملية صرف الشيك التى أتاحت لي معرفتها أكثر… السرعة تطير

  2. nono كتب:

    خالد مدني بعد الغياااااب

    مقدمه جميله

    مرور سريع للمودوووع…

    الي اللقاءءءءءءءءءءءءءءءء..

  3. ودالزبير كتب:

    يا الروعه السرد وجمال الكلمات والتعبير البليغ … ياود إنت مادام إنت كتابه كده مالك تارك لينا الحلبه نعوس ونلت ونعجن فيها … مندهش ومستمتع

  4. سهيل كتب:

    ود مدني ما النخلي .. وين انت من زمان .. خليتنا للبنوك و اقساطها ..
    و بهدي ليك حلمنتيش مدحة ناس الهيلاهوب سابقآ ..

    ( يازول كفاك ديون * البنك مامضمون)

  5. حاج أحمد السلاوى كتب:

    بعد الغياب عاد الكاتب المنتظر ..
    دى أكيد نتاج إبداعات الغربة الطلقتها بالتلاتة ..
    نقول ليهو شنو … يقول عرديب ..
    سرد جميل وكلمات مموسقة ( ما فى حد يسال عن معنى مموسقة دى..إفهموها بأة ).
    وما تبخل علينا من جنس دا ..

  6. ودالخلا كتب:

    سلام ياقبيلة
    ودمدني يارائع روعة عصافير الخريف، حبكة القصة، وروعة الأحرف وترتيب الجمل والكلمات ألدهشتني المفاجأة والجمتني الدهشة،،
    أشد علي يديك بيدي الأثنتين بحرارة تفوق حرارة شمس أفريقيا وخط الأستواء!!!!

  7. خالد مدني كتب:

    الحبايب كلهم … عزت ونونو وود الزبير وسهيل والكواشف السلاوي وود الخلا … اشكركم علي وقتكم ورفعكم للروح المعنوية .

  8. ابكرون كتب:

    خاااالد…..كان مذاق العرديب علي السنتنا وذلك العطر الذي تعود عليه انفه…..شفته عطر الباروووود نتن كيف وبعمل حمرة في العيون قبل الانوف….

    وزي برق السماك

    الجابها دُغشيه

    وزي زغرودة البطن الكباريه

    مرق من شامة القمرا

    ومقدم بالعديل يبرا .
    ————————————
    ياخ روعه لمن تشرق يديك العافية

  9. خالد مدني كتب:

    العزيز ابكرون …لك كل الود … طبعا الشاعر الكبير الفذ حميد ادانا كل الحداقة الفي الدنيا … واهو اتناولت منو حته طعمت بيها .

  10. محنك كتب:

    البنوك استرقاق الاحرار وتشريد من ليس عنده خبره
    يجب ان يرضى كل فرد بواقعه ما دام خبرته وقدرته الادارية ضعيفة ومشاريعه غير مدروسة حتى لا يدخل السجن ويباع او يصادر الضمان

    طيب الجوكية كيف

  11. ياسين شمباتى كتب:

    خالد مدنى…سلامات..
    اها اسه انت بقت عليك قصة (شليل وين راح)..انت رحت وين آآزول ؟؟
    واهدى ليك وللاحباب رائعة خالد شقورى (محمداحمد) والتى يذكر فى احد مقاطعها ان محمداحمد المسكين قد رهن ارضه للبنك وحجز عليها فيما بعد..
    ابداع حقيقى منك وعرديبك مشروب..وخليك قريب دائما يا الحبيب…

  12. ياسين شمباتى كتب:

    عذرا فالقصيدة للقامة (الفاتح ابراهيم بشير)..وكلاهما مبدع مسكون بحب الارض والنخيل والاهل..

    كان الشرط ايه الضمان ما البنك منهجو برمكى..
    صاحبنا قام رهن الارض الشاربة من دمو الزكى..
    ذرات ترابو تقولو لا والدنيا غرقت فى البكى..

  13. ودالزبير كتب:

    جاء في بالي إن بائع العرديب يرمز لهؤلاء الأشخاص الذين نلتقي بهم صدفه وهم يمارسون بعض الأعمال التي قد يراها البعض هامشيه من بيع العصير لبيع المناديل وخلافه لكننا لم نتوقف لننظر لما خلف تلك الصنعه فهذا الرجل قبل أن يأتي لهذه المهنه لا بد إنه كان كبطل حكايه أخونا خالد مدني كان له قصه ما فخلف كل شخص قصه قد لا نعرفها لكنها قصه ربما تكون قصه كفاح وربما تكون قصه خيانه وربما وربما … الكاتب هنا ربما أراد أن يلفت نظرنا لنتأمل في هذا النماذج فربما يوماً ما كنا نحن من يبيع هذا العرديب ……………. وبرد يااااااااااااااااااااااااااااااا

  14. خالد مدني كتب:

    الاعزاء محنك وشمباتي وود الزبير … اشكركم علي وقتكم …
    لامس ود الزبير العصب … نحن السودانيين بطبعنا وطبيعتنا لا تعكس وجوهنا انفعالاتنا الا في ما ندر … ممكن ندي الاحساس بالفرح الفرصة انو يظهر ويشع من وجوهنا كما في ابشر ابشر ابشر او كتلك الضحكة والفرح الدفاق في وجه اونكل نيام يوم تكريم البروف جبرا حين انداح نيام وانسدح – والصورة موجودة – لكن لا تظهر وجوهنا غضبنا وحزننا وخيباتنا … نمتصها كالاسفنج ونحفظها في الدواخل .. لذلك تكون احزاننا عميقة … يظهر كل حزننا واسفنا وخوفنا وانهيارنا في عيوننا … عيون السودانيين مناجم احزان وشاشات بلورية تعكس كل ما نخفيه عنكم … وللتدليل علي ذلك انظر لاي واحد ما بتعرفه في عيونو طوالي حيقول ليك : هوي بتعاين لي كده مالك !!!

  15. خالد مدني
    ابداااااع وإعجاب إبهاااام فوق بعد الغياب
    تحياتي

أضف تعليق